العقوبات الاقتصادية تطال الإنترنت
نشر موقع سيريا نيوز، المصدر الرائد للأخبار في الجمهورية العربية السورية، خبراً مفاده أن الولايات المتحدة الأمريكية حظرت على الشركات الأميركية أن تتعامل مع السوريين في مجال استضافة مواقع الانترنت وحجز أسماء النطاقات وذلك ضمن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، فيما انتقد السوريون هذا القرار واعتبروه مخالفاً للقوانين الدولية واضطهاداً لحريات الإنسان من قبل دولة تدعي الديمقراطية، حسبما جاء في الخبر.
وذكر الموقع بأنه منذ عدة اشهر قامت شركات كبرى تعمل في مجال حجز اسماء المواقع بشطب اسم سورية من لائحة اسماء الدول في قوائمها وطلبت من زبائنها اختيار عناوين في بلدان اخرى، وامتد تضييق الحصار على اصحاب المواقع في سورية الى درجة وصول رسائل من الشركات بشكل مباشر تطلب منهم تغيير اي عناوين داخل "حساباتهم" التي يديروا منها الاسماء الى بلد غير سورية او الانتقال الى شركات اخرى، وامهلتهم 15 يوما لتنفيذ الطلب تحت طائلة شطب الاسماء من سجلات هيئة الاسماء والارقام الدولية "الآيكان".
ومن بين المواقع التي تأثرت وتوقفت عدة ايام موقع "محاكم سورية"(Syria courts) حيث قال صاحب الموقع المحامي نزيه معلوف لسيريانيوز إن "تصرف الإدارة الأمريكية مخالف لمواثيق الأمم المتحدة، ويتنافى مع إعلان حقوق الإنسان وخاصة لما ورد في المواد 25-26-27، كما يتناقض مع مبادئ القانون الدولي المتعلق بالعلاقات والتعاون بين الدول.
واعتبر معلوف أن "عمل الإدارة الأمريكية جريمة ضد الإنسان بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية (نظام روما) حيث قامت باضطهاد السكان لأسباب سياسية فقد طالت السكان في سورية وليس الحكومة السورية"، مؤكدا على أنها "جريمة بحق الشعوب، فهي حرمتها من حقهم في العلم والمعرفة والتطور".
وانتقد معلوف "تصرف الإدارة الأمريكية"، وقال "كيف تتدخل بحريات فردية فيما تتظاهر بأنها المدافع الأول عن حرية الفرد وتنادي بالديمقراطية". وعن الأضرار التي لحقت به نتيجة إغلاق الموقع قال معلوف إن "الأضرار جسيمة خاصة أن الموقع ثقافي تعليمي فالغرض من الموقع تعزيز الثقافة القانونية لكل العالم". كما رصدت سيريانيوز بعض الحالات التي تم فيها ايقاف "مخدمات" بعض المواقع السورية المستأجرة من شركات في دول متعددة.
وبهذا الصدد قالت سهى مرتضى مديرة الدعم الفني في شركة "سيرموبي" المتخصصة في مجال البرمجة والتسويق لسيريانيوز "اشترت سيرموبي سيرفر من شركة كندية وباشرت بالعمل على الدومين، وتفاجئنا أحد الأيام بان السيرفر توقف ودون سابق إنذار، ومن خلال اتصالنا ومتابعتنا مع الشركة، بينت لنا الشركة الكندية التي تتمركز بياناتها الرئيسية(Data Center) في أمريكا، بأن هذا حظر أمريكي، ونتيجة ذلك فقدنا كل بيانات الشركة كما فقدنا ثقة زبائننا". وتابعت مرتضى أنه "من خلال جهود مكثفة ومراسلات مع الشركة استطعنا التوصل إلى حل مع الشركة الكندية بالسماح لفتح الموقع لمدة 24 ساعة فقط لاسترجاع البيانات الرئيسية التي نريد الاحتفاظ بها مع الحصول على تعويض على مدة آخر 10 أيام دون الحصول على تعويض توقف الموقع".
وفيما يتعلق بالرسوم المالية للاشتراك في السيرفرات الخارجية أوضحت مرتضى بأن "ذلك يتوقف على مواصفات السيرفير وهي تتراوح ما بين الألف والألفين دولار شهريا، وذلك يختلف تبعا للمواصفات والاتفاقات بين الشركات". وعن سبب الاشتراك في شركات أجنبية خارجية دون الاشتراك مع شركات سورية أوضحت مرتضى أن "أمور الاستضافة في سورية صفر وسيئة للغاية، ولا تقدم الخدمة المطلوبة".
هذه الاجراءات احدثت ارباكات كبيرة بالنسبة الى الشركات التي تتعامل بإنشاء مواقع الانترنت او حتى الافراد الذين يمتلكون مواقع انترنت بجميع انواعها، حيث اضطر الكثيرون إلى تحديد عناوين خارج سورية من خلال اقاربهم او بدأوا في رحلة البحث عن شركات اخرى أوربية غير خاضعة للقرارات الاميركية. وبهذا الصدد قال المدير التنفيذي لشركة "سيريانوبلز" ماهر شيخو لسيريانيوز "تلقينا شكاوي عديدة من الناس حول هذا موضوع إغلاق المواقع"، مشيرا إلى أن "هناك طريقتين لحل الموضوع إما تغير معلومات الحجز لأي دولة ثانية، أو التعامل مع شركة ثانية غير الشركة الأميركية". وحول قرار الإدارة الأميركية اعتبر شيخو أن القرار "غير سليم، فالانترنت ليس ملكا لأحد والمعلومات ليست حكرا لطرف دون آخر"، منوها إلى أنه "بالرغم من أن منشأ الانترنت كان من قبل جامعات أميركية إلا أن الانترنت والمعلومة لا تنحصر في مكان جغرافي ما".
وكانت الولايات المتحدة فرضت في عام 2004 عقوبات في إطار "قانون محاسبة سورية" و"الحظر الاقتصادي" والتي تمنع تصدير معظم المنتجات التي تحتوي على أكثر من 10% من مكوناتها من صنع أمريكي، كما فرضت عقوبات على المصرف التجاري السوري في عام 2006، وعلى عدد من المسؤولين ورجال الأعمال السوريين. إلا أن سورية انتقدت في أكثر من مناسبة هذه العقوبات، واعتبرتها "انتهاكا لمبادئ القانون الدولي، وقواعد التجارة الدولية التي تستدعي مساءلة الولايات المتحدة الأمريكية جراء هذا التصرف".